بالبلدي..

مصطفى يونس يكتب: رجال الشرطة وجبر الخواطر 

مصطفى يونس
مصطفى يونس

أعلم يقينا بان عنوان مقالى هذا قد لا يشجع الكثيرين على قراءته، وانهم بمجرد وقوع عيناهم عليه، سأنال قسطا من الشتائم والسباب، اقلها بأننى اطبل وامدح وأُعَرض للشرطة.. خاصة هولاء الذين اتخذوا موقفا عدائيا من بعضهم، او كونوا صورة عن رجل الشرطة بمجرد السماع عنهم فى المقاهى وفى جلسات السمر.. وانا لا اخفيكم سرا، فأنا منذ سنوات وانا اكتب فى عيدهم الموافق ٢٥ يناير، مقالا سنويا، اقص فيها بطولاتهم، بداية من ملحمة الإسماعيلية، وصولا الى كشف غموض أقل جريمة سرقة فى إحدى قرى الصعيد، لكنى اليوم قررت ان اغرد خارج السرب، واكشف عن نوعية من رجال الشرطة اختصهم الله لقضاء حوائج البسطاء، لم يتغيروا عن أصلهم الذى تربوا عليه، ولم يحيدو عن القانون الذى درسوه، ولم ينسوا ثقافة عائلاتهم والقرى التى نشأوا فيها.. اتخذوا جبر الخواطر منهجا، فتركوا سيرة عطرة فى كل مكان عملوا به، حتى اننا احيانا بعد سنوات طويلة نذكرهم بكل خير ونترحم على ايامهم.. اتحدث عن كثير، وفى كل موقع وكل ادارة وكل مديرية وداخل كل قسم شرطة.. اذا تعاملت معهم وانت مواطن عادى تفاءلت خيرا وايقنت ان حقك لن يضيع.. سامحوني لعدم ذكر اسما بعينه فوالله هم كثير، وانا شخصيا رأيت مواقف جمة.. فمنذ أيام كنت مع مجموعة من الصحفيين فى السيدة زينب، وجاءت سيرة بعض رجال الشرطة ولكنى رأيت اجماعا على بعض الظباط الذين خرجوا من الخدمة وايضا بعض الحاليين، واخذ كل واحد يقص لنا مواقف إنسانية واجتماعية نفخر بها.. فالحقيقة دائما تُحكى عقب الخروج من المنصب، او حتى مغادرة المكان الذى كنت تعمل به.. جبر الخواطر يا سادة، لا يحتاج إلى دراسة او تدريب، لكنه صفة تولد مع اولاد الأصول فى كل المجالات وليست الشرطة فقط.. فهذا العسكرى البسيط الذى رأيناه كثيرا بأعيننا يمسك رجلا مسنا بعكاز ويعبر به الطريق، او تلبية استغاثة سيدة عجوز مريضة لا تقوى على الذهاب الى المستشفى، 
لم يقل له احد ذلك لكنه رأى واجبا فتحتم عليه فعله، وضابط المباحث الذى راعى ربه وضميره فى البلاغات، وترك مكتبه مفتوحا للعامة لم يكن إلا جابرا للخواطر، وهؤلاء الذين رأيناهم يجمعوا أموالا لفك كرب الغارمات فى أحد الاقسام لم يكن إلا رجولة وشجاعة منهم.. اعلم ان هناك من يتعالى على المواطن، وبعضهم لا يرد على الهاتف اساسا، ومنهم من يتجاوز احيانا، لكنهم قليل، خاصة بعد الكاميرات المنتشرة فى كل شبر، داخل المنشآت الشرطية وفى الشوارع، والرقابة عليهم وانتشار السوشيال ميديا والتقنيات الحديثة.. لكنى اثق كثيرا فى الأجيال القادمة سواء فى أكاديمية الشرطة او معهد المندوبين بطرة، لتخريج رجال شرطة وطنيين وجابرين للخواطر. 
كل عيد شرطة وانتم طيبين..وللحديث بقية.. ودمتم بخير

[email protected]